هل آن لك أن تستريح يا فرج فودة فى ذكرى رحيلك وقد تحققت نبوءتك بصعود الإخوان ثم سقوطهم المدوى؟ ما زال المشوار طويلاً وملفه الأمنى أصغر الملفات وأقلها خطورة أما الملف الفكرى لمقاومة الإرهاب فهو الملف الأهم والأخطر.. هذه اقتباسات ونبوءات فرج فودة فلنقرأها ونعتبر: - «سيزدادون عتواً، وستزداد الكثرة لهم عداءً وكرهاً، ولن يستمر البسطاء بعيداً عن المعركة، إنما سينتصرون لمن حاولوا أن يجعلوا حياتهم أجمل وأكثر بهجة وإشراقاً، وضد كل من يهوى الظلام ويسعى للإظلام، سيصرخون ضد الغناء، وسيُغنى الشعب، سيصرخون ضد الموسيقى، وسيطرب لها الشعب، سيصرخون ضد التمثيل وسيحرص على مشاهدته الشعب، سيصرخون ضد الفكر والمفكرين، وسيقرأ لهم الشعب، سيصرخون ضد العلم الحديث، وسيتعلمه أبناء الشعب، سيصرخون ويصرخون، وسيملأون الدنيا صراخاً. وسترتفع أصوات مكبرات صوتهم وستتضاعف، وستنفجر قنابلهم، وتفرقع رصاصاتهم، وسوف يكونون فى النهاية ضحايا كل ما يفعلون، وسوف يدفعون الثمن غالياً حين يحتقرهم الجميع، ويرفضهم الجميع، ويطاردهم الجميع». - «لا أبالى إن كنت فى جانب، والجميع فى جانب آخر، ولا أحزن إن ارتفعت أصواتهم أو لمعت سيوفهم. ولا أجزع إن خذلنى من يؤمن بما أقول. ولا أفزع إن هاجمنى من يفزع لما أقول. وإنما يؤرقنى أشد الأرق أن لا تصل هذه الرسالة إلى ما قصدت. فأنا أخاطب أصحاب الرأى لا أرباب المصالح. وأنصار المبدأ لا محترفى المزايدة. وقصّاد الحق لا طالبى السلطان. وأنصار الحكمة لا محبى الحكم». - «إننا جميعاً فى حاجة إلى إعادة توزيع الأدوار من جديد.. ليتكلم رجال الدين فى الدين، وليتكلم رجال السياسة فى السياسة، أما أن يرفع رجال الدين شعارات السياسة إرهاباً، ويرفع رجال السياسة شعارات الدين استقطاباً، فهذا هو الخطر الذى يجب أن ننتبه له». - «إن الإرهاب لا ينمو بصورة ذاتية، بل يوجد بقدر ما نتيح له من مناخ، ويتوالد بقدر ما نتراجع أمامه، ويقوى بقدر ما نخاف، ويعلو صوته بقدر خفوت أصواتنا، ويزداد رصيده بقدر ما نسحب من حساب الشجاعة فى بنك المستقبل». - «السائرون خلفاً، الحاملون سيفاً، المتكبرون صلفاً، المتحدثون خرفاً، القارئون حرفاً، التاركون حرفاً، المتسربلون بجلد الشياه، الأسود إن غاب الرعاة. الساعون إن أزفت الآزفة للنجاة، الهائمون فى كل واد، المقتحمون فى مواجهة الارتداد، المنكسرون المرتكسون فى ظل الاستبداد، الخارجون على القوانين المرعية، لا يردعهم إلا توعية الرعية، ولا يعيدهم إلى مكانهم إلا سيف الشرعية، ولا يحمينا منهم إلا حزم السلطة وسلطة الحزم، لا يغنى عن ذلك حوار أو كلام، وإلا فقل على مصر السلام». - «كل ما عرضته إنما ينهض دليلاً على أن هناك فرقاً كبيراً بين الإسلام والدين، والإسلام والدولة، وأن انتقاد الثانى لا يعنى الكفر بالأول أو الخروج عليه، وأنك فى الثانى سوف تجد كثيراً يقال أو يعترض عليه، حتى فى أعظم أزمنته، بينما أنت فى الأول لا تجد إلا ما تنحنى له، تقديساً وإجلالاً، وإيماناً خالصاً، وأنه إذا جاز أن يقال هذا عن عهد الخلفاء الراشدين، فإنه يجوز أن يقال ما هو أكثر وأكثر، حين تتصدى بالتحليل والنقد لعصور لاحقة، ارتفعت فيها رايات الحكم الدينى، وادعى أصحابها أنها وجه الإسلام الصحيح، وأنهم الحافظون للكتاب والمحافظون عليه، والتابعون للسنة والمتابعون لها، وهم بالرغم من ذلك يستحلون القتل فى غير حق، والظلم بلا داع، ويدخلون على المؤانسة أبواباً لو سمع بها الصدر الأول فى الإسلام، لعجز عن أن يدخلها، فى باب من أبواب الجاهلية، تلك الأبواب التى تقتصر عنها أو لا تكاد تتسع لها». - «أنت هنا تملك أن تفصل بين الإسلام الدين والإسلام الدولة، حفاظاً على الأول حين تستنكر أن يكون الثانى نموذجاً للاتباع، أو حين يعجزك أن تجد صلة واضحة بين هذا وذاك، فالأول رسالة، والثانى دنيا، وقد أنزل الله فى الرسالة ما ينظم شئون الدنيا فى أبواب، وترك أبواباً، دون أن يفرط فى الكتاب من شىء، وإنما يسع برحمته بشراً هم أعلم بشئون دنياهم من السلف، ويترك لهم أموراً تختلف باختلاف الأزمنة، لا يترك لهم فيها إلا قواعد عامة، إن اتسع أفقهم أخذوا من غيرهم وتأقلموا مع زمانهم دون خروج على صحيح الدين أو الكفر به، وإن ضاق أفقهم أحالوها ملكاً عضوداً، سندهم فيه فقهاء يجدون لكل شىء مخرجاً، ولكل خروج عن الدين تأصيلاً، ولو شئت أن أحدثك لحدثتك وحدثتك، لكنى أمسك عن إدراك بأن ذلك كله لم يكن من الإسلام فى شىء، وأن الله أرحم بعباده من أن يكون ذلك هو صحيح ما شرع لهم، والله وصادقو العقيدة يعلمون أن الإسلام من ذلك كله براء». - «دع عنك إذن حديث الساعة عن الدين والدولة وسلم معهم بالدين، أما الدولة فأمر فيه نظر، وحديث له خبىء، وقصد وراءه طمع، وقول ظاهره الرحمة وباطنه العذاب».